في الأمم المتحدة.. دعوات عاجلة لدعم الأونروا وسط اتهامات بـ"حملة تضليل" لتفكيكها
في الأمم المتحدة.. دعوات عاجلة لدعم الأونروا وسط اتهامات بـ"حملة تضليل" لتفكيكها
حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن وكالة غوث وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) تجبَر اليوم على العمل تحت ضغوط متصاعدة، بينما يقتل موظفوها وتُدمر منشآتها في غزة، وتواجه عجزاً مالياً هائلاً إلى جانب "سيل من التضليل"، وأكد أن الوكالة التي تقدم الدعم لملايين اللاجئين الفلسطينيين منذ أكثر من سبعة عقود، تظل "قوة للاستقرار في أكثر مناطق العالم اضطراباً".
جاء ذلك خلال اجتماع وزاري رفيع المستوى عقد الخميس على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، خُصص لإعادة تأكيد دعم المجتمع الدولي لوكالة الأونروا والاعتراف بدورها الذي لا غنى عنه، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
خدمات أساسية في قلب الأزمات
غوتيريش شدد على أن غياب حل سياسي جعل الأجيال الفلسطينية تعتمد على الأونروا في التعليم والرعاية الصحية وخدمات حيوية أخرى في لبنان وسوريا والأردن والأرض الفلسطينية المحتلة، وأضاف أن مساهمات الوكالة تجاوزت حدود الدعم الإنساني لتشمل التنمية وحقوق الإنسان والسلام والأمن، محذراً من أن استمرار القيود الحالية يجعل الوضع "غير قابل للاستمرار".
أعرب الأمين العام عن إعجابه العميق بموظفي الأونروا في غزة الذين فقد أكثر من 370 منهم حياتهم منذ اندلاع الحرب، وقال إن كثيرين منهم فقدوا منازلهم وعائلاتهم، ومع ذلك واصلوا خدمة شعبهم "بشجاعة تلهم العالم" مؤكداً أن بطولاتهم "لن تُنسى أبداً".
لازاريني: التاريخ سيحاسب
من جانبه، أكد المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني أن العالم يشهد استهتاراً مروّعاً بالحياة والقانون الدولي في قطاع غزة، معتبراً أن المجاعة المتفاقمة هناك نتيجة مباشرة "للتقاعس والإفلات من العقاب"، وتساءل: "لماذا فشلوا في منع الإبادة الجماعية التي ارتُكبت تحت أنظارهم؟".
لازاريني حذر أيضاً من حملة تضليل منظمة وممولة جيداً قال إنها تقودها إسرائيل لاستهداف الوكالة في أوساط الدول المانحة، بهدف تقويض سمعتها وقطع التمويل عنها، وكشف أن الأونروا تواجه عجزاً مالياً يتجاوز 200 مليون دولار، مما يهدد قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية لملايين اللاجئين قبل نهاية العام.
وأشارت رئيسة الجمعية العامة أنالينا بيربوك إلى أن الأونروا خضعت لتحقيقات ومراجعات متعددة، مؤكدة أن قدرتها على تحمل التدقيق والانتقادات دليل على قوتها، ولفتت إلى أن الوكالة التي كان من المفترض أن تكون مؤقتة، اضطلعت لعقود بمهام شبيهة بمهام الدول، محذرة من أن انهيارها سيقوض أي أمل في بناء مؤسسات فلسطينية مستقبلية.
دعم دولي ورسائل سياسية
وزراء خارجية من دول عدة شددوا على ضرورة استمرار دعم الوكالة، وزير الخارجية الإسباني قال إن بديل الأونروا هو قيام دولة فلسطينية قادرة على رعاية شعبها، لكن طالما أن هذا غير ممكن "فيجب أن يواصل المجتمع الدولي دعمه"، فيما اعتبر وزير الخارجية البرازيلي أن محاولات تقويض الوكالة جزء من "نمط من العرقلة والعنف" يهدد بحلول عسكرية على حساب الحلول السياسية.
أما وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي فرأى أن "حملة اغتيال سياسي" تستهدف الأونروا، مؤكداً أنها الوحيدة القادرة على خدمة غزة لأنها تعرف تفاصيل كل حي وبيت وعيادة، ودعا إلى إنقاذها باعتبار ذلك إنقاذاً "لما تبقى من مصداقية النظام الدولي".
تأسست الأونروا عام 1949 بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة لتقديم الإغاثة والخدمات الإنسانية للاجئين الفلسطينيين بعد نكبة 1948، ومع مرور العقود توسعت مهامها لتشمل التعليم والرعاية الصحية والإغاثة الاجتماعية لنحو ستة ملايين لاجئ مسجلين في غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا، يعتمد نصف مليون طفل على مدارسها، فيما تقدم عياداتها أكثر من عشرة ملايين زيارة سنوياً، ورغم أنها أنشئت كجهاز مؤقت إلى حين إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين، فإن غياب التسوية السياسية جعلها جزءاً أساسياً من حياة ملايين الفلسطينيين، ما جعلها عرضة لضغوط سياسية ومالية متواصلة تهدد بقاءها.